تزويد الدماغ بالطاقة.. كيف يتم توزيع الطاقة داخل الخلايا المفردة؟
يعتمد كل نظام في الكائن الحي على مصدر محدود من الطاقة لكي يؤدي وظيفته، ففي البشر، لا يوجد عضو أكثر استهلاكًا للطاقة من الدماغ، الذي يستهلك حوالي 20% من الطاقة الأيضية في الجسم.
ولكن كيف يتم توزيع الطاقة في الجهاز العصبي لضمان عمله؟
في دراسة جديدة، كشف علماء جامعة ييل جزءًا من اللغز.
وباستخدام جهاز استشعار حيوي جديد، تمكن العلماء من رسم خريطة لاستقلاب الطاقة في خلايا منفردة لكائن حي، وهي الدودة الخيطية C. elegans، وفقا لما تم نشره في موقع ميديكال إكسبريس.
خريطة توزيع الطاقة عبر الخلايا
أتاحت هذه التقنية، التي طورها علماء جامعة ييل، للباحثين رسم خريطة لتوزيع الطاقة عبر الخلايا، وحتى داخل الخلايا العصبية الفردية.
ونشرت النتائج التي توصلوا إليها في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم.
لقد اهتم العلماء منذ فترة طويلة بالمسائل المتعلقة باستقلاب الطاقة في الجسم، بدءًا من كيفية إنتاج الطاقة كيميائيًا إلى كيفية توزيعها في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الدماغ.
في الدراسات السابقة، كشفت تقنيات التصوير العصبي مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أن توزيع الطاقة في الدماغ يتغير لاستيعاب حالات نشاط الدماغ المختلفة، والتي تدعم الفكر والإدراك.
لكن هذه التقنيات تفتقر إلى الدقة الخلوية اللازمة لفهم كيفية توزيع استقلاب الطاقة داخل الخلايا المفردة في الجهاز العصبي.
وقال آرون وولف، زميل ما بعد الدكتوراة في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة ييل، والمؤلف الرئيسي للدراسة: «من المعروف أن إنتاج الطاقة لا يتم توزيعه بالتساوي في جميع أنحاء الدماغ، ولكن أين يحدث بالضبط؟ وكيف يؤثر توزيعها على وظيفة الجهاز العصبي؟ كانت تلك الأسئلة التي قادت هذا العمل».
دراسة النشاط الأيضي داخل الخلايا العصبية الفردية
للإجابة على هذه الأسئلة، استخدم فريق جامعة ييل، بقيادة وولف ودانييل كولون راموس، أستاذ دوريس ماكونيل دوبيرج لعلم الأعصاب وبيولوجيا الخلية والمؤلف المشارك، جهاز استشعار حيوي يسمى HYlight لدراسة النشاط الأيضي داخل الخلايا العصبية الفردية في C. elegans تحت ظروف مختلفة.
تم تطوير جهاز الاستشعار البيولوجي في الأصل من قبل مجموعة بحثية بقيادة ريتشارد جودمان، عضو هيئة التدريس السابق في معهد فولوم والآن عالم أبحاث مشارك في مختبر كولون راموس.
ووجد الباحثون أن الطاقة يتم توزيعها بشكل تفاضلي عبر خلايا محددة، وتحدد هوية الخلايا العصبية الفردية، وقالوا إن هذا التوزيع غير المتكافئ يشكل "مناظر طبيعية للطاقة" قد تشكل كيفية تدفق المعلومات عبر الخلايا العصبية ومن المحتمل أن تؤثر على السلوك.
قال كولون راموس: «الطاقة هي القوة التي تحرك الحياة، وفي سياق الجهاز العصبي، فهي تحرك الفكر والسلوك».
وأضاف: «يتم إنتاج الطاقة عبر تفاعلات أيضية محددة، والتي يمكننا الآن تتبعها في الحيوانات الحية».
وأردف: «إن تصور استقلاب الطاقة هذا يسمح لنا الآن بفهم كيف يؤدي توزيعها إلى تقييد وظيفة الجهاز العصبي، في الصحة، وفي المرض، وفي الشيخوخة».
وقال وولف: «من خلال فهم إنتاج الطاقة على المستوى الخلوي، يمكننا المساعدة في تحديد كيفية ظهور العجز الذي يمكن أن يضعف وظيفة الخلايا العصبية».
على سبيل المثال، قال الباحثون إن الطاقة لا تتوزع عبر الخلايا المختلفة فحسب، بل أيضًا داخل أجزاء الخلايا.
وقال وولف: «في الخلايا العصبية، تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن هذا التوزيع يحدث بالقرب من المشابك العصبية، وهي الهياكل التي تستخدمها الخلايا العصبية للتواصل مع بعضها البعض».
وأضاف: «توجد خرائط للاتصالات المتشابكة، والآن يمكننا عمل خرائط جديدة لتوزيع الطاقة أثناء قيام الحيوانات بسلوكياتها».