هل يمكن لفحص الدماغ التنبؤ بفاعلية جراحة الحبل الشوكي؟
بالنسبة للمرضى الذين يعانون من آلام مزمنة لا يمكن علاجها بأي طريقة أخرى، يُنظر إلى الإجراء الجراحي المسمى "تحفيز النخاع الشوكي" باعتباره طريقة الملاذ الأخير.
زرع أقطاب كهربائية بالعمود الفقري
يعمل العلاج عن طريق زرع أقطاب كهربائية في العمود الفقري للمرضى وتحفيز النخاع الشوكي كهربائيًا.
ولأن النخاع الشوكي ينقل الأحاسيس إلى المخ من جميع أنحاء الجسم، يتم تعديل موضع الأقطاب الكهربائية بحيث يشعر المرضى بالتحفيز في موقع الألم، وفق ما ذكره موقع ميديكال إكسبريس.
يقول طبيب التخدير بجامعة كوبي أوينو كيوهي: "المشكلة الكبرى هي أن الإجراء فعال بالنسبة لبعض المرضى ولكن ليس بالنسبة لآخرين، وفي هذه الحالة يتم تقييمه عادة في تجربة قصيرة تستغرق بضعة أيام إلى أسبوعين قبل الزرع الدائم، وعلى الرغم من أن هذه التجربة قصيرة، إلا أنها لا تزال إجراءً جراحيًا ومحفوفًا بالمخاطر".
وأضاف: "لذلك، اهتم الأطباء منذ فترة طويلة بإمكانية التنبؤ باستجابة المريض للإجراء من خلال وسائل غير جراحية".
أصبح التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أداة قياسية لتصور كيفية معالجة الدماغ للمعلومات، وبشكل أكثر دقة، يمكنه إظهار الأجزاء النشطة من الدماغ استجابة لمحفز، والمناطق المرتبطة وظيفيًا ببعضها البعض.
يوضح أوينو: "في دراسة سابقة، أشرنا إلى أن تخفيف الألم باستخدام عقار الكيتامين المسكن للألم يرتبط سلبًا بمدى قوة الاتصال بين منطقتين من شبكة الوضع الافتراضي قبل تناول الدواء".
تم ربط شبكة الوضع الافتراضي، التي تلعب دورًا مهمًا في التفكير المتعلق بالذات، بالألم المزمن، وهناك عامل آخر ذو صلة وهو كيفية اتصال شبكة الوضع الافتراضي بشبكة الأهمية، التي تشارك في تنظيم الانتباه والاستجابة للمثيرات.
ويقول أوينو: "لذلك، أردنا أن نفحص ما إذا كان من الممكن استخدام الارتباط بين الأنشطة داخل هذه الشبكات وفيما بينها للتنبؤ بمدى الاستجابة لتحفيز الحبل الشوكي".
وقد نشر هو وفريقه نتائجهم في المجلة البريطانية للتخدير.
ووجدوا أنه كلما استجاب المرضى بشكل أفضل لعلاج تحفيز النخاع الشوكي، كلما كانت منطقة معينة من شبكة الوضع الافتراضي متصلة بمنطقة أخرى في شبكة البروز أضعف.
ويعلق أوينو قائلًا: "لا يوفر هذا مؤشرًا حيويًا جذابًا لتوقع فعالية العلاج فحسب، بل إنه يعزز أيضًا فكرة أن الارتباط الشاذ بين هذه الشبكات مسؤول عن تطور الألم المزمن المستعصي في المقام الأول".
إن الخضوع لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي ليس الخيار الوحيد، فقد تم الإبلاغ عن الجمع بين استبيانات الألم والمؤشرات السريرية المختلفة كمؤشر آخر موثوق به على استجابة المريض لتحفيز الحبل الشوكي.
ومع ذلك، كتب الباحثون أنه "على الرغم من أن تكلفة فحص التصوير بالرنين المغناطيسي مثيرة للجدل، فإن العبء على كل من المرضى ومقدمي الخدمات سوف ينخفض إذا كان من الممكن التنبؤ بالاستجابة لتحفيز الحبل الشوكي من خلال فحص التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة لمدة 10 دقائق".
في المجمل، شارك في هذه الدراسة التي أجرتها جامعة كوبي 29 مريضًا يعانون من أشكال مختلفة من الألم المزمن المستعصي.
من ناحية أخرى، من المرجح أن يكون هذا التنوع هو السبب وراء انخفاض الاستجابة الإجمالية للعلاج مقارنة بالدراسات المماثلة في الماضي، كما جعل من الصعب تقييم العلاقة بين وظيفة المخ والاستجابة بدقة.
يقول الباحثون أيضًا: "من منظور سريري، فإن القدرة على التنبؤ بالنتائج للمرضى الذين يعانون من حالات مختلفة قد توفر فائدة كبيرة".
ويضيف أوينو: "نعتقد أن التقييم الأكثر دقة سيصبح ممكنًا مع المزيد من الحالات والمزيد من الأبحاث في المستقبل. كما نجري حاليًا أبحاثًا حول مناطق الدماغ التي تتأثر بشدة بأنماط مختلفة من تحفيز النخاع الشوكي".
وتابع: "في هذه المرحلة، ما زلنا في بداية هذا البحث، ولكن هدفنا الرئيسي هو استخدام التصوير الوظيفي للدماغ كعلامة حيوية لعلاج تحفيز النخاع الشوكي لتحديد العلاج الأمثل لكل مريض في المستقبل".