سر معاناة بعض مرضى كوفيد-19 من صعوبة التنفس

كشفت دراسة عن رؤى جديدة بالغة الأهمية حول أجهزة المناعة لدى الناجين من كوفيد-19، وخاصةً أولئك الذين يعانون من صعوبات تنفسية مزمنة.
وتُظهر الدراسة أن هؤلاء المرضى يعانون من تغيرات واضحة في جهازهم المناعي ترتبط بشدة تلف الرئة لديهم.
ويبشر هذا الاكتشاف بتطوير علاجات مُستهدفة لمضاعفات الرئة المرتبطة بكوفيد طويل الأمد.
وقد اندهش الباحثون من تنوع أنماط المناعة التي اكتشفوها، ويقولون إن النتائج تسلط الضوء على مدى تنوع العوامل الأساسية المسببة لمرض كوفيد الطويل، حتى بين المرضى الذين يعانون من نفس الأعراض.
كان من أبرز ابتكارات الدراسة قدرتها على ربط البيانات المناعية من الدم بإصابات الرئة.
ولأول مرة، تمكن الفريق من التمييز بين الأنماط المناعية لدى المرضى الذين يعانون من إصابات رئوية أشد، مما مهد الطريق نحو علاجات أكثر فعالية وشخصية.

كوفيد طويل الأمد
وقالت جوديث أ. وودفولك، من قسم الربو والحساسية والمناعة في كلية الطب بجامعة فرجينيا: "يُعد مرض كوفيد طويل الأمد معقدًا، وله أسباب كامنة محتملة متعددة، ولذلك، كان فهم الاستجابة المناعية لدى مرضى أمراض الرئة أمرًا بالغ الصعوبة".
وأضافت: "تكشف نتائجنا عن اختلافات جوهرية في الدم تعكس مدى تلف الرئة، ومن خلال تحليل العديد من المقاييس المناعية المختلفة، يمكننا تحديد أهداف محتملة قد لا تقتصر على التنبؤ بمن قد يعاني من نتائج أسوأ، بل تساعد أيضًا في توجيه علاجات أكثر فعالية وملاءمة في المستقبل".
نُشرت الدراسة في مجلة Nature Immunology.
فهم كوفيد الطويل
للتعمق أكثر في الأعراض التنفسية المستمرة لكوفيد طويل الأمد، فحصت وودفولك وفريقها مجموعات بيانات سريرية ومناعية واسعة النطاق من 110 مرضى في عيادة كوفيد طويلة الأمد التابعة لمستشفى UVA Health.
كان معظمهم قد دخلوا المستشفى بسبب إصابتهم بكوفيد-19 الحاد قبل توفر اللقاحات، وكان العديد منهم على أجهزة التنفس الصناعي أثناء إقامتهم في المستشفى.
استخدم الباحثون نوعًا من الذكاء الاصطناعي يُسمى التعلم الآلي لدراسة التغيرات طويلة المدى في الخلايا التائية (T cells) لدى المرضى، وهي نوع من الخلايا المناعية.
وخلص تحليلهم إلى اختلافات ملحوظة في أعداد وأنواع الخلايا التائية وفقًا لشدة مرض الرئة.
بعد تحليل مئات السمات الخلوية والجزيئية الإضافية، تمكن الفريق من ربط هذه التغيرات في الخلايا التائية بمكونات مهمة أخرى في الجهاز المناعي.
كشف هذا النهج عن اختلافات ملحوظة في "التركيبات المناعية" لدى المرضى المصابين بأمراض رئوية خفيفة مقارنةً بالحالات الأكثر شدة التي تتميز بتليف الرئة (الندبات).
وقالت وودفولك: "من خلال اكتشاف أنماط مناعية مميزة لدى المرضى الذين يعانون من أنواع مختلفة من أمراض الرئة التقييدية بعد الإصابة، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل العوامل المناعية المسببة لإصابة الرئة وكيف يمكن لهذه الأنماط أن تعكس مراحل مختلفة من نفس عملية المرض".
وأضافت: "إن قدرتنا على التمييز بين التغيرات المناعية المرتبطة بأمراض الرئة وتلك المرتبطة باضطرابات أخرى نموذجية لمرض كوفيد الطويل تضيف أيضًا بُعدًا جديدًا لفهمنا لهذا المرض المعقد".
وتابعت وودفولك: "هدفنا النهائي هو مساعدة المرضى من خلال توجيه علاجات جديدة يمكنها إيقاف أو حتى عكس تلف الرئة الناجم عن كوفيد-19".