الأحد 18 مايو 2025 الموافق 20 ذو القعدة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف تشكل دورات الهرمونات بنية ووظيفة مناطق الذاكرة الرئيسية في الدماغ؟

الأربعاء 14/مايو/2025 - 01:13 م
الحُصين
الحُصين


تتقلب مستويات الهرمونات كالمدّ والجزر، تتدفق وتنخفض وفقًا لدورات مُنظّمة بعناية، ولا تؤثر هذه الهرمونات على الجسم فحسب، بل يمكنها أيضًا أن تنتقل إلى الدماغ وتشكل سلوك الخلايا العصبية.

مؤخرًا، استخدم باحثون في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا، تقنيات مجهرية ليزرية حديثة لمراقبة كيفية تأثير تقلبات هرمونات المبيض على بنية ووظيفة الخلايا العصبية في حُصين الفأر، وهي منطقة دماغية أساسية لتكوين الذاكرة والتعلم المكاني لدى الثدييات.

ووجد الباحثون أن تقلبات الهرمونات خلال دورة الشبق لدى الفأر، وهي دورة مدتها 4 أيام، تُشبه الدورة الشهرية لدى الإنسان التي تستمر 28 يومًا، تؤثر بشدة على شكل وسلوك الخلايا العصبية في الحُصين.

دور هرمونات المبيض

قال مايكل جوورد، عالم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "لقد عرفنا منذ بعض الوقت أن هرمونات المبيض، وخاصة الاستراديول - وهو نوع من هرمون الاستروجين - لها عواقب مهمة على بنية الخلايا العصبية ووظيفتها".

في تسعينيات القرن الماضي، أجريت تجارب خارج الجسم الحي على أنسجة دماغية لقوارض إناث مأخوذة في مراحل مختلفة من الدورة الشبقيّة. ووجد الباحثون أنه خلال مرحلة "البروفيستروس" - عندما تبلغ مستويات الإستراديول ذروتها - تميل الخلايا العصبية في الحُصين إلى تكوين المزيد من الأشواك الشجيرية، وهي نتوءات صغيرة تمتد من شجيرات الخلايا العصبية، وتُشكل الموقع الرئيسي للاتصالات بين الخلايا العصبية.

حتى الآن، لم يكن هناك سوى فهم ضئيل لكيفية تأثير الدورة الشبقة على الخلايا العصبية في الفئران الحية، كما قالت نورا وولكوت، المؤلفة الرئيسية للدراسة.

بفضل تقنيات المجهر المتطورة، تمكن فريق غورد من قياس بنية ونشاط الخلايا العصبية عبر دورات شبق متعددة، مما أتاح فهمًا أعمق لدور الهرمونات الجنسية في مرونة الدماغ والذاكرة.

الحُصين

يقع الحُصين في أعماق دماغ الثدييات، وهو منطقة دماغية مرتبطة بشكل أساسي بالذاكرة والتعلم. يعجز المصابون بإصابات الحُصين عن تعلم معلومات جديدة أو تكوين ذكريات عرضية جديدة.

كما أن الحُصين غني بمستقبلات الهرمونات الجنسية، مثل الإستروجين والبروجسترون، مما يشير إلى أن الهرمونات الجنسية لا تؤثر فقط على الإنجاب، بل تؤثر أيضًا على الوظائف الإدراكية كالذاكرة.

استكمالاً لما انتهت إليه الدراسات السابقة، استخدم الباحثون مجهر مسح ليزري ثنائي الفوتون، لتتبع تكوين وتقليم هذه الأشواك الشجيرية لدى الفئران على مدار عدة دورات شبق مدتها أربعة أيام.

لاحظوا ظهور العديد من الأشواك الجديدة خلال مرحلة ما قبل الشبق، والتي تم تقليمها مع تقدم الدورة وصولاً إلى الإباضة.

لم تكن هذه تغيرات طفيفة، فقد اختلفت كثافة الأشواك بنسبة 20-30% خلال الدورة، مما يمثل آلاف الوصلات المشبكية لكل خلية عصبية.

كيف يؤثر تذبذب الأشواك العصبية على وظيفة خلايا الدماغ؟ ربما يؤثر هذا على كيفية دمج الخلايا العصبية للإشارات من خلايا أخرى، كما قال الباحثون.

فحص العلماء جهد الفعل - إطلاق النبضة العصبية - وكيفية انتشارها عبر الخلية العصبية.

عادةً، تستقبل التغصنات الإشارة، التي تنتقل إلى جسم الخلية ومنها إلى المحور العصبي.

ولكن الإشارة تنتقل أيضًا إلى الخلف عبر الشجيرات العصبية، وهي عادةً المكان الذي يستقبل فيه العصبون المعلومات.

يُعتقد أن هذه الإشارة المرتدة تلعب دورًا في التعلم وتقوية الذاكرة، وقد وجد الباحثون أنه خلال ذروة الإستراديول، تنتقل الإشارة المرتدة إلى مسافة أبعد في التغصنات، وهو ما يشتبه الباحثون في أنه قد يكون له آثار على اللدونة العصبية، أي قدرة الدماغ على تكوين روابط عصبية جديدة.

كما وجد الباحثون أن الخلايا المكانية استجابت للمواقع المألوفة بشكل أكثر موثوقية أثناء مرحلة البروستروس - مرحلة الاستراديول المرتفعة - وكانت أكثر تقلبًا عندما كان الاستراديول في أدنى مستوياته.

وأشار وولكوت إلى أن "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تتبع هذه الاختلافات المجهرية في البنية العصبية والوظيفة عبر الزمن في نفس الحيوان".

لهذه النتائج التي أُجريت على الفئران آثارٌ قوية على البشر أيضًا.

ويمكن تحويل التستوستيرون إلى إستروجين عبر الأروماتة، حيث يؤثر على مستقبلات الإستروجين في الحُصين.

يشير هذا إلى أن اللدونة الهرمونية ظاهرة واسعة الانتشار، ويؤكد أهمية مراعاة العوامل الهرمونية في أبحاث علم الأعصاب.