السبت 28 يونيو 2025 الموافق 03 محرم 1447
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف تؤثر القهوة على الدماغ في أثناء النوم؟

الجمعة 30/مايو/2025 - 12:49 م
النوم
النوم


لا يوجد الكافيين في القهوة فقط، بل يوجد أيضًا في الشاي والشوكولاتة ومشروبات الطاقة والعديد من المشروبات الغازية، مما يجعله أحد أكثر المواد المؤثرة عقليًا استهلاكًا في العالم.

في دراسة نشرت في مجلة Communications Biology، ألقى فريق من الباحثين من جامعة مونتريال الضوء على كيفية قدرة الكافيين على تعديل النوم والتأثير على تعافي الدماغ - سواء الجسدي أو المعرفي - بين عشية وضحاها.

استخدم العلماء الذكاء الاصطناعي وتخطيط كهربية الدماغ (EEG) لدراسة تأثير الكافيين على النوم.

أظهروا لأول مرة أن الكافيين يزيد من تعقيد إشارات الدماغ ويعزز "حساسيته" أثناء النوم.

ومن المثير للاهتمام أن هذا كان أكثر وضوحًا لدى البالغين الأصغر سنًا.

يقول الباحثون: "الحرجة هي حالة دماغية متوازنة بين النظام والفوضى. إنها أشبه بأوركسترا: هدوء مفرط يمنع حدوث أي شيء، وفوضى مفرطة تعمّ النشاز، الحرج هو الوسط الذي يكون فيه نشاط الدماغ منظمًا ومرنًا في آن واحد، في هذه الحالة، يعمل الدماغ على النحو الأمثل: فهو قادر على معالجة المعلومات بكفاءة، والتكيف بسرعة، والتعلم، واتخاذ القرارات بمرونة".

وأضاف الباحثون: "يُحفّز الكافيين الدماغ ويدفعه إلى حالة من اليقظة، حيث يكون أكثر يقظةً وانتباهًا وتفاعلًا، ورغم أن هذا مفيدٌ خلال النهار للتركيز، إلا أن هذه الحالة قد تُعيق الراحة ليلًا؛ إذ لا يسترخي الدماغ ولا يتعافى كما ينبغي".

تأثير الكافيين على الدماغ أثناء النوم

لدراسة تأثير الكافيين على الدماغ أثناء النوم، سجل فريق كارير نشاط الدماغ الليلي لأربعين بالغًا سليمًا باستخدام مخطط كهربية الدماغ.

قارنوا نشاط دماغ كل مشارك في ليلتين منفصلتين - إحداهما عندما تناولوا كبسولات الكافيين قبل النوم بثلاث ساعات، ثم ساعة واحدة، والأخرى عندما تناولوا دواءً وهميًا في نفس التوقيت.

وقال الباحثون: "استخدمنا تحليلًا إحصائيًا متقدمًا وذكاءً اصطناعيًا لتحديد التغيرات الطفيفة في النشاط العصبي".

وأضافوا: "أظهرت النتائج أن الكافيين يزيد من تعقيد إشارات الدماغ، مما يعكس نشاطًا عصبيًا أكثر ديناميكية وأقل قابلية للتنبؤ، خاصةً خلال مرحلة النوم غير السريعة (NREM)، وهي مرحلة بالغة الأهمية لتقوية الذاكرة والتعافي المعرفي".

واكتشف الباحثون أيضًا تغييرات مذهلة في الإيقاعات الكهربائية للدماغ أثناء النوم: حيث يعمل الكافيين على إضعاف التذبذبات البطيئة مثل موجات ثيتا وألفا - المرتبطة عمومًا بالنوم العميق والمريح - وتحفيز نشاط موجة بيتا، وهو أكثر شيوعًا أثناء اليقظة والانخراط العقلي.

وقال الباحثون: "تشير هذه التغييرات إلى أنه حتى أثناء النوم، يظل الدماغ في حالة أكثر نشاطًا وأقل انتعاشًا تحت تأثير الكافيين".

وأضافوا: "قد يساعد هذا التغيير في النشاط الإيقاعي للدماغ في تفسير تأثير الكافيين على كفاءة تعافي الدماغ أثناء الليل، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب محتملة على معالجة الذاكرة".

الأشخاص الأكثر تأثرًا

وأظهرت الدراسة أيضًا أن تأثيرات الكافيين على ديناميكيات الدماغ كانت أكثر وضوحًا بشكل ملحوظ لدى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و27 عامًا مقارنة بالمشاركين في منتصف العمر الذين تتراوح أعمارهم بين 41 و58 عامًا، وخاصة أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهي المرحلة المرتبطة بالأحلام.

أظهر الشباب استجابةً أكبر للكافيين، ويرجع ذلك على الأرجح إلى كثافة أعلى لمستقبلات الأدينوزين في أدمغتهم.

الأدينوزين جزيء يتراكم تدريجيًا في الدماغ على مدار اليوم، مسببًا شعورًا بالتعب.

وقال الباحثون: "تتناقص مستقبلات الأدينوزين بشكل طبيعي مع التقدم في السن، مما يقلل من قدرة الكافيين على منعها وتحسين تعقيد الدماغ، وهو ما قد يفسر جزئيا التأثير المنخفض للكافيين الذي لوحظ لدى المشاركين في منتصف العمر".

تشير هذه الاختلافات المرتبطة بالعمر إلى أن أدمغة الشباب قد تكون أكثر عرضة للتأثيرات المنشطة للكافيين، ونظرًا لانتشار استخدام الكافيين حول العالم، وخاصةً كعلاج يومي للإرهاق، يُشدد الباحثون على أهمية فهم آثاره المعقدة على نشاط الدماغ لدى مختلف الفئات العمرية والحالات الصحية.