الإثنين 16 يونيو 2025 الموافق 20 ذو الحجة 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

كيف تتحكم أدمغتنا في النوم والاستيقاظ؟

الأحد 01/يونيو/2025 - 12:52 م
النوم
النوم


يقضي الإنسان حوالي ثلث حياته نائمًا، ومع ذلك، من المثير للدهشة أننا لا نعرف الكثير عن كيفية تحكم أدمغتنا في النوم والاستيقاظ.

والآن، اكتشف باحثون بقيادة البروفيسور هنريك برينجمان في مركز التكنولوجيا الحيوية (BIOTEC) التابع لجامعة دريسدن للتكنولوجيا (TUD) جزءًا آخر من هذا اللغز.

أظهر الفريق أن إشارة دماغية واحدة تعمل كمفتاح بيولوجي، إذ تُفعّل النوم وتُنهيه في آنٍ واحد.

وقد تمكنوا من التوصل إلى هذه النتائج، التي نشرت في مجلة Current Biology، من خلال دراسة دودة أسطوانية صغيرة، C. elegans، وهي كائن حي نموذجي قوي في علم الأحياء.

يقول البروفيسور برينجمان، قائد مجموعة البحث في BIOTEC والذي قاد الدراسة: "من المهم حقًا أن تكون قادرًا على النوم، ولكن من المهم أيضًا أن تستيقظ".

خلايا النوم العصبية

نعلم أن النوم والاستيقاظ تتحكم فيهما مجموعة خاصة من خلايا الدماغ، تُسمى خلايا النوم العصبية.

ومع ذلك، لا نعرف بالضبط كيف تتحكم هذه الخلايا في المسارات الجزيئية التي تُساعدنا على النوم والاستيقاظ مجددًا.

لجأت مجموعة برينجمان إلى الديدان الأسطوانية (C. elegans) للإجابة على هذه الأسئلة.

فعلى عكس البشر، الذين يمتلكون آلاف الخلايا العصبية المسؤولة عن النوم، تحتاج الديدان الأسطوانية إلى خلية عصبية واحدة فقط للقيام بهذه المهمة.

هذه البساطة تجعلها نموذجًا مثاليًا لدراسة المسارات الجزيئية الرئيسية التي تتحكم في النوم.

يُسلّط هذا البحث الضوء على أحد الأسئلة الجوهرية في علم الأحياء: كيف تُنظّم الكائنات الحية النوم واليقظة؟ بفهم الآلية الجزيئية الأساسية للنوم، يُمكن للباحثين فهم اضطرابات النوم بشكل أفضل، مثل الخدار والأرق، والتي تُؤثّر بشكل كبير على جودة الحياة.

وتضيف هذه النتائج أيضًا إلى مجموعة الأدلة المتزايدة على أن حتى الكائنات الحية النموذجية البسيطة يمكنها الكشف عن الآليات الأساسية التي تحكم الحياة.

ركز الفريق على ناقل كيميائي يُسمى FLP-11. عندما تنشط خلية عصبية للنوم، تُطلق FLP-11. تعمل هذه الناقلات الكيميائية كـ"ملاحظات" جزيئية تنتقل بين خلايا الدماغ لتوصيل أوامر مختلفة.

يوضح البروفيسور برينجمان: "كنا نعلم أن FLP-11 ضروري للنوم، لكننا لم نكن نعرف الرسالة التي ينقلها ولمن".

من خلال الفحص الجيني، حدد الباحثون مُستقبِلًا رئيسيًا يُسمى DMSR-1، يرتبط به FLP-11 لتوصيل رسالته.

في حال غياب هذا المُستقبِل من الدماغ، لاحظ الباحثون أن الديدان تنام أقل بكثير، وتبين أن DMSR-1 موجود في أنواع مختلفة من الخلايا العصبية.

واختلفت النتائج اختلافًا كبيرًا باختلاف الخلية العصبية التي استقبلت الرسالة.

يقول لورينزو روسي، الذي أجرى التجارب في مختبر البروفيسور برينجمان: "لقد اكتشفنا أن FLP-11 ينشط مستقبلات DMSR-1 في نوعين مختلفين تمامًا من الخلايا العصبية".

وأضاف: "وجدنا أن المُستقبِل موجود في الخلايا العصبية التي تُعزز اليقظة، عند تنشيطه بواسطة FLP-11، يُوقف المُستقبِل خلايا اليقظة، وهذا بدوره يُساعد الدودة على النوم. من ناحية أخرى، يوجد المُستقبِل أيضًا في الخلية العصبية المسؤولة عن النوم، وهنا، يُوقفها أيضًا، مما يُعيد الحيوان إلى النوم في النهاية".

بمعنى آخر، المادة الكيميائية نفسها التي تُسبّب نوم الدودة تُساعد أيضًا على إيقاظها مجددًا، وذلك ببساطة عن طريق استهداف خلايا مختلفة في الدماغ.

ويضيف البروفيسور برينجمان: "إنها آلية فعّالة تتحكم في بدء النوم مع الحفاظ على مدته".

على عكس البشر، تتمتع الديدان الأسطوانية بفترة نوم أقصر بكثير، لا تدوم سوى حوالي 20 دقيقة.

ومع ذلك، يُعد النوم عملية بيولوجية أساسية لدرجة أن العديد من الجزيئات والآليات المتضمنة في النوم تشترك فيها الأنواع المختلفة، كما يقول البروفيسور برينجمان.

وأضاف: "نحن لا نعلم حتى الآن ما إذا كان نفس مفتاح النوم موجودًا لدى البشر، ولكنه يوفر دليلاً واعدًا في البحث عن الآليات التي تتحكم في النوم في نوعنا".