الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر
المشرف العام
محمود المملوك
مستشار التحرير
د. خالد منتصر

الدكتور أسامة حمدي يكتب.. نظام الأكل النباتي صحي أم ضار؟

الخميس 08/ديسمبر/2022 - 06:00 م
 الدكتور أسامة حمدي
الدكتور أسامة حمدي أستاذ أمراض الباطنة والسكر بجامعة هارفار


كان أجدادنا من قدماء المصريين يصومون عن أكل الحيوانات، ويأكلون فقط النباتات من طرح نهرهم شهرين كل عام، وورثَ عادتهم إخواننا المسيحيون الأرثوذوكس في صيامهم.

 كذلك فإن الهندوسية تدعو أتباعها في شبه القارة الهندية إلى أن يكونوا نباتيين في طعامهم لأسباب دينية أخرى، وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن النباتيين، وهل أكلهم صحي أم لا؟ وعادة، عندما يكثر الجدل في مصر بشأن موضوع ما، ومع انعدام الثقافة الصحية، يدلي كلٌ بدلوه في الموضوع، عن فهم، وكثيرًا عن غير فهم! وربما تؤدي النصيحة غير العلمية إلى عواقب وخيمة! فما الحقيقة العلمية عن النباتيين؟، وكيف نفهمها بطريقة مبسطة؟، وهل النظام النباتي في الأكل صحي أم ضار؟.

 النباتيون هم أشخاص يعتمدون في أكلهم على المنتجات الزراعية النباتية فقط لأسباب فسيولوجية متعلقة بحاسة التذوق، أو لأسباب نفسية، أو دينية، أو ربما لاختيار شخصي من أجل صحة أفضل، فلا يأكلون اللحوم، ولا الدواجن، ولا الأسماك، ولا منتجات الألبان، ولا البيض، وهؤلاء يطلق على نظامهم الغذائي النباتية الكاملة (ڤيجان Vegan). ولكن أغلب النباتيين يتناولون البيض، أو منتجات الألبان، أو الاثنين معًا، أو الدواجن أو الأسماك، وهم ما نطلق على نظامهم الغذائي فيجيتريان (Vegetarian) بنوعياته المختلفة.

نظام الأكل النباتي في العموم له فوائد صحية، معظمها بسبب الامتناع عن أكل اللحوم الحمراء، المرتبط ضررها ارتباطًا وثيقًا بزيادة نسبة مادة الهيم heme فيها، وهو الحديد القادم من اللحوم. 

ورغم أهمية الهيم القصوى للجسم كمادة أساسية في تكوين هيموجلوبين الدم الحامل للأكسجين فإن زيادته تجعله مادة سمية للجسم، وتزيد الأكسدة، وتزيد معدل حدوث مرض السكر، وأمراض السرطان، كما أن دهون اللحوم- التي تسمى الدهون المشبعة- ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأمراض شرايين القلب والدماغ التى قد تؤدي إلى جلطات القلب أو المخ.

 كذلك فإن النظام النباتي يقلل من نسبة الكوليسترول في الدم، وضغط الدم، لكن المشكلة الصحية الكبيرة والخطيرة عند الڤيجان (النباتية الكاملة)، هي عدم حصول أجسامهم على كثير من الأحماض الأمينية المهمة essential amino acids، وهي تسعة أحماض موجودة بأكملها في المنتجات الحيوانية، وهذه الأحماض الأمينية مهمة لأن الجسم لا يستطيع تكوينها من تلقاء نفسه. 

وأهمية هذه الأحماض الأمينية تكمن في أنها تدخل في تركيب كثير من هرمونات الجسم المهمة والحيوية، كهرمون النمو، وهرمون الإنسولين، وكثير من الإنزيمات الحيوية في التمثيل الغذائي داخل الجسم. كذلك يصاب هؤلاء الأشخاص بنقص شديد في ڤيتامين ب 12 المهم لصحة الأعصاب والدم؛ لذا فإن نظام الڤيجان (النباتي الكامل) يمثل خطورة على الصحة، أما النظام الفيجيتريان العادي، الذي به بيض، أو لبن، أو دجاج، أو سمك، فليس منه خطورة كبيرة على الجسم، بل على العكس، فإن فائدته كبيرة على القلب، والسكر، وضغط الدم، ولكنه مع الأسف لا يمد الجسم بكمية الحديد الكافية، وقد يسبب أنيميا (فقر دم)، فحديد اللحوم سهل الامتصاص، على خلاف الحديد من المصادر النباتية؛ لذا فإن 60٪؜ من الفيجيتريان مصابون بفقر طفيف في الدم، و40٪؜ منهم مصابون بفقر متوسط في الدم. كذلك فإن أغلبيتهم مصابون بنقص ڤيتامين ب 12 المهم.

 السؤال الأخير: ما النظام الغذائي الأفضل ما بين الاثنين؟ الأفضل هو: تقليل اللحوم إلى مرة واحدة، أو مرتين على الأكثر أسبوعيًا، مع نزع الدهن تمامًا، مع اتباع نظام فيجيتريان باقي الأيام، ولكن يحتوي على البيض، أو السمك، أو منتجات الألبان.

* الدكتور أسامة حمدي أستاذ أمراض الباطنة والسكر بجامعة هارفارد الأمريكية