اكتشاف أجسام مضادة تزيد فتك حمى الضنك.. هل توصلنا إلى لقاح للمرض؟
تعد حمى الضنك عدوى فيروسية ذات تطور مدمر، فأولئك الذين أصيبوا بها مرة واحدة هم أكثر عرضة للإصابة بمرض يهدد حياتهم في المرة الثانية.
إن السبب الذي يجعل أجسادنا لا تفشل في التعلم من العدوى السابقة فحسب، بل تصبح أيضًا أكثر عرضة للخطر نتيجة لذلك، هو لغز طويل الأمد يمنع تطوير لقاح عالمي لحمى الضنك.
وبدلًا من الحماية من المرض، يمكن أن يكون مثل هذا اللقاح بمثابة تعرض أولي لتهيئة الجسم له، وفق ما نشره موقع ميديكال إكسبريس.
أجسام مضادة تزيد تزيد مخاطر حمى الضنك
الآن، حدد بحث جديد مجموعة فرعية معينة من الأجسام المضادة المسؤولة عن زيادة فتك حمى الضنك عند التعرض الثاني.
قد تفتح هذه النتائج الباب أمام علاجات أكثر فعالية، وتمكن أخيرًا من تطوير لقاح عالمي لحمى الضنك.
يقول ستيليانوس بورنازوس، الأستاذ المساعد في مختبر جيفري رافيتش، أستاذ تيريزا ويوجين إم لانج في جامعة روكفلر: «لقد أثبتنا بشكل قاطع أن المشكلة ليست في وجود الأجسام المضادة لحمى الضنك، بل في جودة تلك الأجسام المضادة، والآن بعد أن عرفنا المسار الذي تستخدمه هذه الأجسام المضادة، يمكننا تطوير علاجات ضدها».
التوجه إلى السبب
ويحدث ما يصل إلى 400 مليون إصابة جديدة بحمى الضنك كل عام.
وينتشر مرض حمى الضنك، وهو مرض استوائي في المقام الأول يُعرف أيضًا باسم حمى كسر العظام، عن طريق البعوض، وسيعاني معظم الأشخاص الذين يصابون بالفيروس لأول مرة من أعراض خفيفة.
ومع ذلك، عند الإصابة مرة أخرى، يصاب حوالي 10% من المرضى بالحمى المصحوبة بآلام وغثيان وطفح جلدي، ويعاني جزء صغير من هؤلاء المرضى من مضاعفات تهدد حياتهم.
وأشارت الدراسات السابقة بالفعل بأصابع الاتهام إلى الأجسام المضادة التي تتشكل ضد الفيروس، على عكس بقايا العدوى الأخرى.
أحد هذه الأجسام المضادة هو المسؤول عن أن الأطفال حديثي الولادة الذين لم يتعرضوا مطلقًا ما زالوا أكثر عرضة للإصابة بحمى الضنك الشديدة إذا تعرضت أمهاتهم في وقت ما.
وقال بورنازوس: «فقط الأجسام المضادة هي التي تنتقل من الأم إلى الطفل، لذلك هذا هو الدليل الأكثر تحديدًا على أن المناعة السابقة ليست فقط، ولكن وجود الأجسام المضادة، هو الذي يؤثر على القابلية للإصابة بمرض حمى الضنك».
التعزيز المعتمد على الأجسام المضادة
ويمكن أن تسبب الأجسام المضادة أحيانًا عدوى شديدة بدلًا من منعها.
من المعروف أن الإصدارات المبكرة من لقاحات الفيروس المخلوي التنفسي والحصبة تولد أحيانًا أجسامًا مضادة تربط الفيروسات المعنية ولكنها فشلت في منع العدوى.
وبدلا من ذلك، ارتبطت هذه الأجسام المضادة بزيادة التعرض للأمراض.
أُطلق على هذه الظاهرة اسم التعزيز المعتمد على الأجسام المضادة (ADE)، وكان الباحثون يشتبهون منذ فترة طويلة في أن ADE هو المسؤول عن النمط الغريب لعدوى حمى الضنك.
لكن بورنازوس ورافيتش اشتبها في أن ADE لم يكن القصة بأكملها.
ويبرز السؤال: لماذا كان 10% فقط من المرضى الذين تعرضوا سابقًا لحمى الضنك ينتهي بهم الأمر إلى الإصابة بمرض شديد؟ ولماذا حتى بين الحالات التي تظهر عليها الأعراض يوجد نطاق واسع جدا من شدة المرض؟
يقول بورنازوس: «لاحظنا في هذه الحالات أن الأشخاص الذين عانوا من مرض أكثر خطورة لديهم جميعًا مستويات مرتفعة لمتغير معين من هذه الأجسام المضادة، كان هذا أول دليل لدينا على أن الأمر لا يتعلق فقط بالأجسام المضادة، بل بنوع الجسم المضاد».
من الأجسام النانوية والأجسام المضادة
استغرق الفريق سنوات عدة لتطوير التكنولوجيا اللازمة لاختبار نظريتهم.
في الآونة الأخيرة فقط، وبمساعدة مختبر تشارلز رايس، تمكن بورنازوس ورافيتش من اختبار الأجسام المضادة البشرية باستخدام مستقبلات بشرية في نماذج الفئران المعدلة وراثيا لحمى الضنك.
من خلال عدم التركيز على الأجسام المضادة فحسب، بل بدلا من تتبع مسار العدوى بالكامل، أثبت الفريق أن النتائج الشديدة لم تكن نتاجًا لقدرة الفيروس على إصابة المزيد من الخلايا (كما يتوقع المرء لو كان ADE هو المسؤول) ولكن من تنشيط مسار يؤدي إلى زيادة الالتهاب (النتيجة التي تقع بشكل مباشر على متغير الجسم المضاد الذي يمثل مشكلة).
وقد قلبت النتائج النموذج الحالي لعدوى حمى الضنك رأسا على عقب، وأظهرت أن كادرا صغيرا من الأجسام المضادة «الممرضة» كانت مسؤولة في المقام الأول عن العدوى الشديدة.
وتشير نتائج الفريق إلى أنه يمكن الوقاية من مضاعفات المرض الشديد إذا تم علاج المرضى بدواء يعطل هذه الأجسام المضادة المسببة للأمراض.
وعلى هذه الجبهة، قام مختبر رافيتش بالفعل بتطوير أجسام نانوية تستهدف هذه الأشكال السكرية المسببة للأمراض بشكل جيد بما يكفي لمنع الإصابة بحمى الضنك الشديدة في الفئران.
ويمكن في يوم من الأيام وصف أجسام نانوية مماثلة بشكل وقائي للمرضى المعرضين لمخاطر عالية في العيادة.
وقال بورنازوس: «إن الأجسام النانوية ستخفض مستويات الأجسام المضادة المسببة للأمراض، وهذا من شأنه أن يقطع شوطا طويلا نحو منع العدوى الشديدة».